الفصل الرابع
تطوير طرق استثمار أموال الوقف
اتسم العصر الحديث بتطورات إدارية وقانونية كبيرة في تنظيم شؤون الأوقاف وتسييرها، فساد الاتجاه إلى إنشاء إدارات ووزارات خاصة للإشراف عليها، وإلى وضع تنمية أموال الوقف واستثمارها ضمن الخطط العامة للدولة، ومن شأن هذه التنظيمات والتعديلات الحديثة أن تعزز دور الأوقاف في القيام برسالتها.
كما حصل تطوير في مفهوم أعيان الوقف في ضوء تطور المفاهيم والأوضاع الاقتصادية، فقد سجل الوقف في العصر الحاضر أموالا لم تكن في سجلات الوقف القديمة، فأصبح للسيولة النقدية دور كبير في الوقف إضافة إلى العقارات والأموال المنقولة، وأجيز وقف الأسهم والسندات، واقترحت إباحة العمل بسندات المقارضة، ولكن صيغتها مازالت موضع المناقشة.
ويلاحظ أن نشاط إدارات الأوقاف شمل المساهمة في تأسيس شركات وبنوك، إضافة إلى شراء أسهم وسندات في شركات تجارية وزراعية وصناعية، وإقامة مشاريع استثمارية أخرى كإقامة العمارات السكنية والأسواق التجارية والفنادق، وغيرها.
إن استثمار أموال الوقف يمكن أن يكون بتمويل ذاتي أو بتمويل غير ذاتي.
أما التمويل الذاتي فيمكن أن يكون بالإجارة، أو بإنشاء العمارات أو بشراء الأسهم والسندات أو بالاستبدال.
وأما الاستثمار بتمويل غير ذاتي فيكون بصيغ كثيرة، منها: عقد الاستصناع والمشاركة والمضاربة والمزارعة والمساقاه والمغارسة والمشاركة المنتهية بالتمليك.
وفي هذا الفصل سنتحدث باختصار عن الصور التطبيقية لأهم هذه الطرق وفوائدها الإيجابية في تنمية أموال الوقف.
طرق الاستثمار الذاتي:
يقصد بالاستثمار الذاتي مجموعة العقود والتصرفات المالية التي ينجزها النظار والمسؤولون عن إدارة الوقف اعتماداً على الإمكانات المالية الذاتية المتوفرة داخل مؤسسة الوقف، دونما حاجة إلى إشراك جهة أخرى.
ومن أهم طرق الاستثمار الذاتي التي ابتكرها الفقهاء:
أ) الإبدال أو الاستبدال: هو بيع العين الموقوفة وشراء عين أخرى تكون وقفاً بدلها، ويلجأ إلى هذا التصرف إذا تعطلت منافع العين الموقوفة كلية أو قلّت، حتى صار الوقف في حكم المُعَطَّلِ، كدار قديمة متهدمة. في مثل هذه الحال أجاز بعض الفقهاء بيع الوقف المُعََطَّلِ وإبداله بغيره. ويعتبر فقهاء الأحناف أكثر المذاهب توسعاً في إباحة هذا التصرف، ويوافقهم الحنابلة. أما أكثر المالكية فقالوا بعدم جواز بيع الوقف، ووافقهم بعض الشافعية.
ولكل من القولين ما يرجحه، فالذين أباحوا بيع العين الموقوفة في حال قلة منفعتها راعوا مصلحة الوقف والمستفيدين منه. والذين منعوا بيعه نظروا إلى ما قد ينشأ عن فتح باب بيع الأعيان الموقوفة من التلاعب والاستغلال غير المشروع.
وحمايةً للوقف من تلاعب المغرضين، وضع الذين أباحوا استبداله جملة من الشروط لصحة هذا التصرف، ومن أهمها:
ـ أن لايكون البيع بغبن فاحش.
ـ انتفاء التهمة عن المتصرف في الوقف.
ـ أن يُشْتَرَى بالثمن عقار آخر بدلاً عن المبيع.
ـ أن تكون العين الجديدة أكثر نفعاً من القديمة.
يتضح من هذا التصرف وطبيعته وشروطه أن له دوراً في خدمة الوقف والمستفيدين من منافعه، وفي خدمة المجتمع الإسلامي عموما. ويمكن إبراز هذا الدور التنموي في العناصر الآتية.
ـ إن اشتراط الفقهاء تحقق مصلحة الوقف والمستفيدين منه يدل على مراعاة الهدف التنموي من هذا التصرف.
ـ واشتراطهم شراء عين أخرى بثمن الوقف وتنميتها يدل على حرصهم على حماية أملاك الوقف وصونها.
ـ واشتراطهم البعد عن الغبن الفاحش وانتفاء التهمة في عملية الاستبدال يدل على حرصهم على حماية أموال الوقف من الأطماع الشخصية ومن كل إضرار مناف لأغراض التنمية وعناصرها الأساسية.
ب) الإجارة
من أهم طرق الاستثمار الذاتي للأوقاف عقد الإجارة، الذي يعد من الطرق المثلى لاستثمار أملاك الوقف، ولهذا الأسلوب من التصرف صور ذكر منها الفقهاء ثلاثة أنواع:
عقد الحكر، وعقد الإجارة، وحق القرار.
ــ عقد الحكر:
هو عبارة عن عقد يكتسب المحتكر بمقتضاه حقاً عينياً يخوله الانتفاع بأرض موقوفة لقاء أجر محدد. يدفع المحتكر بموجب هذا العقد مبلغاً مُعََجَّلاً من المال يساوي أو يقارب قيمة الأرض، ويدفع مبلغاً آخر قليلا على رأس كل سنة، على أن يكون للمحتكر حق الاستثمار بأي وجه مشروعٍ يراه مربحاً، شريطة أن لايكون مُضِرّاًَ بالوقف.
ولحماية مصالح الوقف، وضع الفقهاء شروطاً لصحة هذا العقد، من أهمها.
ـ أن يكون عقد الإجارة صحيحاً، بأن تُعَيَّنُ فيه المدة وقيمة الأجرة.
ـ أن لاتقل الأجرة عن أجرة المثل.
ـ أن لايلجأ إلى هذا العقد إلا بعد التأكد من وجود ضرورة تدعو إليه.
ـ أن يكون بإذن الناظر أو من ينوب عنه.
إذا نظرنا إلى هذا العقد وجدنا أن مؤسسة الوقف قد حَصَّلَتْ بموجبه مبلغاً كبيراً من المال يقترب من قيمة الأرض المحكرة، وباعت مقابله حق الاستثمار لمدة طويلة. والمبلغ المعجل من المال يستخدم في تمويل مشاريع تنموية أخرى لإصلاح وقف آخر وتحسين مردوديته. ولضمان هذا الهدف التنموي أوجب الفقهاء أن تستثمر الأموال العائدة من هذا العقد في إنقاذ عقار وقفي آخر، ونقله من حال الركود إلى حال النمو المثمر، ومنعوا استخدامها في المصاريف الاستهلاكية الدورية، لأن ذلك يؤدي إلى استنزافها، وهو أمر يتعارض مع مصلحة الوقف.
ـ عقد الإجارتين:
وهو عبارة عن عقد إجارة مديدة على عقار الوقف الذي تعجز مؤسسة الوقف عن إصلاحه واستثماره.
وصورته أن تدفع لمؤسسة الوقف أجرة معجلة تكون مساوية لقيمة العين الموقوفة أو مقاربة لها، وتدفع أجرة أخرى مؤجلة كل سنة يتجدد العقد عليها.ولهذا سمى بعقد الإجارتين.
والفرق بين هذا العقد وبين عقد الحكر المتقدم،أن البناء والإعمار والزراعة في الحكر ملك للمحتكر،لأن ذلك كله أنشىء بماله الخاص.
أما في عقد الإجارتين، فإن البناء والأرض تكون ملكاً للمؤسسة الوقفية، لأن العقد هنا إنما يقع على عقار مبني متهدم، ويجدد بالأجرة المعجلة نفسها التي حصلتها مؤسسة الوقف.
والحقيقة أن هذا النوع من التصرف في أملاك الأوقاف إنما يلجأ إليه عندما تعجز مؤسسة الوقف عن إصلاح الأملاك القديمة وتجديدها وتنمية عائداتها، ويبدو أن الفقهاء استحدثوا هذه الصورة من التعاقد لتشجيع أصحاب المال على استئجار عقارات الوقف لتعميرها، اقتباساً من عقد الحكر في الأراضي، وإنما أجازوا الإجارة الطويلة، مع كونها مخالفة للأصل في ملكية الوقف، لزيادة الحاجة إلى تنمية أملاك الوقف.
ــ حق القرار:
وهو أن يأذن الناظر أو القاضي لمستأجر أرض الوقف بالبناء عليها، على أن يكون ما ينفقه في البناء ديناً على الوقف، يستوفيه من أجرة الوقف بالتقسيط.
ويشترط في هذا العقد أن تكون مدة القرار في العين المستأجرة محدودة بأجل يتفق عليه، وأن يكون البناء ملكاً للمؤسسة الوقفية. ولاشك أن التنمية والانتفاع الأمثل هي الغاية التي روعيت في إباحة هذه الصور من الاستثمار الذاتي لأموال الوقف.
ففي عقد الحكر قصد استغلال أرض الوقف بالبناء أو الغرس، ولذلك أوجب الفقهاء إلغاء هذا العقد إذا حصل إهمال في تعمير الأراضي الوقفية. وفي الحكر أيضا استغلال لرأس مال ثابت (الأرض مثلا) في جلب رأس مال متحرك (سيولة نقدية) يستثمر في تمويل مشاريع أخرى بإصلاح أملاك معطلة ذات عائد قليل.
وفي عقد الإجارتين عملية تنموية واضحة، حيث يتم تحويل المباني القديمة إلى مبان حديثة أكثر نفعا. وفي كل هذه العمليات الاستثمارية حركة تنموية مفيدة، تتجلى في تحريك المال، وإيجاد فرص للشغل، وفي إصلاح للأراضي الزراعية وتجديد المباني القديمة وزيادة منفعتها.
طرق الاستثمار الخارجي
يقصد بها مجموع التصرفات والمعاملات المالية التي تقوم بها مؤسسة الوقف عن طريق المشاركة مع جهة مستثمرة خارجية، بهدف تنمية أموال الأوقاف، وأهم هذه التصرفات.
ـ المشاركة والمضاربة
ـ عقد الاستصناع
ـ المزارعة والمساقاة والمغارسة
ـ المشاركة المنتهية بالتمليك.
أ) المشاركة والمضاربة:
يمكن للمؤسسة الوقفية الاستفادة من هذا الأسلوب في تعمير ممتلكاتها، عن طريق قيامها بتقديم الأعيان الموقوفة لشريك أو جهة تقوم باستثمارها وتمويل عملية الاستثمار، على أن يكون الربح بينهما. وتقوم الجهة الممولة بإدارة المشروع وتدبيره، شرط الالتزام بالانسحاب التدريجي من حصتها في المشروع. وتتكون هذه العملية من عقدين هما: عقد المشاركة، وعقد المضاربة، والتصرف المركب من عقدين مشروعين جائز.
ومن فوائد هذه العملية:
ـ أنها تسمح للجهة الممولة بالدخول في استثمار مفيد برأس مال أقل مما يلزم لو انفردت بالمشروع، فالأوقاف عندما تقدم العين الموقوفة تساعد على تقليل تكاليف المشروع.
ـ يوفر هذا الأسلوب من الاستثمار على مؤسسة الوقف مسؤولية إدارة المشروع وتنفيذه، علما بأنها لا تتوفر على المتخصصين في المجال التجاري.
ـ تقوم الجهة الممولة بالانسحاب من المشروع تدريجياً، بعد أن تسترد جميع ما أنفقته، مع حصولها على نسبة من الأرباح. وهذا النوع من التعامل المشروط بالالتزام بالانسحاب من المشروع، خاص بالمشاركة مع مؤسسة الوقف.
ب) المشاركة الدائمة بطريق الاستبدال
وصورتها أن يُبْرََمَ عَقْدٌ بين إدارة الأوقاف وبين مستثمر على إقامة مشروع تنموي، ويكون سهم الأوقاف الذي تسهم به في المشروع هو أرض صالحة للبناء. ويسهم المستثمر بالبناء على تلك الأرض، حيث يصبح الطرفان شريكين في البناء والأرض معا.
ويبدو أن هذا الأسلوب من الاستثمار مناف لطبيعة الوقف وصفته التأبيدية، ولكننا لورجعنا إلى أسلوب الاستبدال الذي سبق بيانه في طرق الاستثمار الداخلي، لوجدنا أن فقهاء الأحناف قد توسعوا في إباحة الاستبدال مادام يجلب مصلحة الوقف.
وعلى هذا الأساس يمكن إدراج عقد المشاركة الدائمة، وهي ضرب من الاستثمار الخارجي، في أنواع الاستبدال. وبيان ذلك أن مؤسسة الوقف حينما تبرم هذا النوع من العقود، تكون كأنما قامت باستبدال جزء من أرض الوقف بجزء من المبنى المقام عليها، يكون أنفع وأكثر فائدة. وبذلك ينتفي في هذه العملية ما قد يُتَوَهَّمُ من إهدارٍ لأملاك الوقف.
ج) عقد الاستصناع:
هو عقد على مبيع في الذمة، يشترط فيه العمل.
وصورة هذا العقد مع مؤسسة الأوقاف أن تتفق مع جهة ممولة على إنجاز مشروع اشتثماري على أرض لها، تتولى الأوقاف تحديد طبيعة المشروع وصفاته، ثم تقوم الجهة الممولة بالإنجاز. وبعد إنهاء المشروع تتسلمه الأوقاف، وتقوم بدفع ثمنه إلى الجهة الممولة على شكل أقساط منتظمة.
والواقع أن استثمار أملاك الوقف بهذه الطريقة أفضل من غيرها، لأنها تسمح للأوقاف بإنشاء مشروعات استثمارية دون أن تخسر الأعيان الموقوفة، لأنها، في هذه الحال، لم تخرج أصلا عن ملكيتها. ثم لأنها تنسجم مع رغبة كل من الأوقاف والجهة الممولة، فالأوقاف لاترغب في استمرار المشاركة مع جهة أجنبية، لأن ذلك مناف للطبيعة الشرعية للوقف، في حين أن المستثمر يرغب في الخروج من المشروع بأن يسترد ماصرفه من مال ومعه نصيب من الأرباح ليدخل في مشاريع أخرى.
د) المشاركة المنتهية بالتمليك
وصورتها التطبيقية مع مؤسسة الوقف هي أن تقوم المؤسسة بإنشاء شركة بينها وبين جهة ممولة، كالمصارف الإسلامية مثلا، على أن تكون حصة الأوقاف فيها هي قيمة العين أو الأعيان الموقوفة التي يراد استثمارها بإقامة مشروع عليها، وتكون حصة الجهة الممولة المبالغ المالية اللازمة لإنجاز المشروع.
وتوزع الأرباح بينهما وفقاً للحصص المتفق عليها، على أن يتضمن عقد الشركة التزاماً من الجهة الممولة بالتنازل عن حصتها للأوقاف بعد مدة زمنية يتم فيها تسديد الدفعات المتفق عليها.
هذه الصيغة تم إقرارها من قبل العديد من المؤتمرات والندوات العلمية المتخصصة، وهيئات الفتوى التابعة للمصارف الإسلامية، بعد التأكد من كونها تتفق مع الأحكام الفقهية المقررة في باب المشاركة والمضاربة.
هـ) المزارعة والمساقاة والمغارسة:
وهي عقود لاستغلال الأرض الزراعية معروفة في الفقه الإسلامي ويمكن للأوقاف الاستفادة منها لاستثمار أراضيها على أن يتم اقتسام الناتج بينها وبين من تعاقدت معه.
ولا شك أن هذه الأساليب تعتبر من أنجع الوسائل لاستثمار أراضي الأوقاف الصالحة للزراعة، لأنها تسمح لمؤسسة الوقف بأن تبقى على صلة مباشرة بأراضيها، وبأن تسهم في التوجيه واختيار أفضل الطرق الاستثمارية لمضاعفة الناتج الزراعي.
ولا يزال موضوع استثمار أموال الوقف وتطوير آفاقه وأساليبه يحظى بالاهتمام في الأوساط الفكرية والعلمية، وقد ظهر ذلك جلياً في الندوات والدراسات العلمية التي أنجزت في الآونة الأخيرة.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن هذا الموضوع لم يُعْطَ حقه من الدراسة والبحث، ومع أن جهوداً قيمة قد بذلت فيه في السنوات الأخيرة، فإنه مايزال في حاجة إلى بحث ودراسات معمقة.
نعم، قد أخذت بعض المؤسسات المالية والعلمية توليه عناية خاصة كالبنك الإسلامي للتنمية، وبعض المؤسسات الرسمية الأخرى، وبدأت تشجع الفقهاء والاقتصاديين على تنسيق جهودهم من أجل تطوير طرق استثمار أموال الوقف، وابتكار أساليب جديدة تحقق أهدافه ومقاصده بما يلائم الشريعة الإسلامية ويساير التطور الاقتصادي والحضاري في الواقع المعاصر.
ونتيجة لهذه الجهود لوحظ في السنوات الأخيرة أن أنشطة مؤسسة الوقف، في بعض البلدان الإسلامية، بدأت تخرج من الإطار التقليدي للاستثمار وتتسع لتشمل أنواعاً جديدة من المشاريع الاستثمارية، كالمساهمة في تأسيس الشركات والبنوك، وشراء الأسهم والسندات في الشركات التجارية والصناعية والزراعية، وإقامة العمارات السكنية وتأجيرها، وإنشاء الأسواق التجارية والفنادق، والمخازن. كما أوقف الواقفون المبالغ المالية السائلة للصرف من ريعها على بعض الأعمال الاجتماعية.
ولابد من الإشارة في ختام هذا الفصل إلى أن صيغ الاستثمار المذكورة لم تُعْرَضْ على سبيل الحصر، ولهذا يجب أن نوضح أنه متى وجدت أشكال وصيغ استثمارية لاتخالف طبيعة الوقف، ولاتتعارض مع أهدافه، ولا يوجد في الأحكام الفقهية ما ينقضها، فإنها تكون مشروعة ولامانع عندئذ من الاستفادة منها، لأن الغاية هي تنمية أموال الوقف وزيادة فوائده.
الخاتمة
يتضح من كل ما سبق أن للوقف حكمة جليلة، تتمثل في جلب الخير العميم الدائم للبلاد والعباد، وفي إيجاد أصول ورؤوس أموال قارة منتظمة ونامية تدر الخير والعطاء على الدوام، ولاتبرز هذه الخاصية بوضوح في ضروب الإنفاق والصدقات الأخرى، ومن هنا كان الوقف من أهم المؤسسات الخيرية والعلمية والاجتماعية في الحضارة الإسلامية، وكان الحجر الأساس الذي قامت عليه تلك الحضارة.
وفي ظل الظروف الراهنة، والأوضاع التي تمر بها الأمة الإسلامية في هذا العصر، تجدد الاهتمام بالوقف، وتركز البحث والتفكير حول نظامه ومؤسساته وأحكامه بحثاً عن أحسن الطرق لتطوير أعماله ومضاعفة الاستفادة من خيراته.
وقد حاولنا في هذه الدراسة المختصرة أن نعرف بأهم الجهود التي أنجزت في السنين الأخيرة في سبيل نشر الوعي بين المسلمين بفضل الوقف وفوائده وأبعاده، والدور الكبير الذي قام به في بناء الحضارة الإسلامية، وتوفير الرعاية الاجتماعية والصحية للمسلمين، وفي النهوض بالتعليم ورعاية العلماء وطلاب العلم، والجهود التي بذلت وتبذل في سبيل تطوير نظم الأوقاف وأساليب إدارتها واستثمار أموالها.
وقد خلصت الدراسة إلى جملة من النتائج يمكن إجمالها في مايأتي:
1. إن الجهود التي بذلت حتى الآن جهود قيمة، لكنها لاتزال أقل من القدر المطلوب لأن الأمة الاسلامية تواجه تحديات كبيرة وعوائق كثيرة تقتضي مضاعفة الجهد وتضافر العاملين وتوحيد الطاقات.
2. إن العالم الإسلامي يفتقر اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى إنشاء جمعيات خيرية إقليمية كبرى، تسهم فيها جميع البلدان الإسلامية، وتمنحها القدرة والصلاحية لتؤدي رسالتها من غير أن تتأثر بالظروف والملابسات والأوضاع السائدة.
3. إن التنمية الشاملة التي تنشدها الأمة الاسلامية لايمكن أن تنجح إلا إذا نشرت الوعي بين شعوبها بأهمية الوقف على الأعمال الخيرية والاجتماعية، وأفسحت المجال للمجتمع ولأهل الخير لتحمل جزء من أعباء الخدمات الاجتماعية.
4. إن تطوير نظام الأوقاف، إدارةً وتسييراً واستثماراً وأحكاماً، يقتضي تضافر جهود المسؤولين والفقهاء والمفكرين والاقتصاديين.
5. إن الأوقاف لايمكن أن تؤدي رسالتها الدينية والاجتماعية على أحسن وجه إلا إذا وضعت في أيد أمينة طاهرة تتحلى بالتقوى والصلاح والخبرة والكفاءة.
وأسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً، وأن يجعل هذا العمل مثمراً نافعاً للمسلمين.
لائحة المصادر والمراجع
القرآن الكريم
ـ كتب السنة.
. الأحباس الإسلامية في المملكة المغربية للشيخ محمد المكي الناصري، طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، 1992.
.إحكام الأحكام لابن دقيق العيد، دار الكتب العلمية، بيروت.
.أحكام الأوقاف لأبي بكر الخصاف، مطبعة ديوان، القاهرة.
.أحكام الوقف في الشريعة الإسلامية، د. محمد عبد الله الكبيسى مطبعة الإرشاد، بغداد، 1977.
.أساليب استثمار الأوقاف وأسس إدارتها، د.نزيه حماد، بحث مقدم لندوة، نحو دور تنموي للوقف.
.الإسعاف في أحكام الأوقاف، لإبراهيم بن موسى بن أبي بكر الطرابلسي، دار الرائد العربي، بيروت.
. الإسلام في حضارته ونظمه، لأنور الرفاعي، دار الفكر، دمشق، 1973.
. أصالة حضارتنا العربية، ناجي معروف. دار الثقافة، بيروت، ط 3، 1975.
. الأم للإمام الشافعي، طبع دار الفكر الطبعة الثانية 1403هـ ـ 1983م.
. الأوقاف والحياة الاجتماعية في مصر، د.محمد محمد الأمين، دار النهضة العربية، القاهرة، 1980.
. بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين أبي بكر الكاساني، دار الكتاب العربي، بيروت، 1982.
. تاج العروس، محمد مرتضى الزبيدي، طبعة الكويت.
.تاريخ الحكماء لعلي بن يوسف القفطي، طبعة ديتريخ، 1903.
. تاريخ الدول والملوك المعروف بتاريخ ابن الفرات محمد ابن عبد الرحيم، تحقيق حسن محمد الشماع، طبعة البصرة، 1967.
.تاريخ الطبري (تاريخ الرسل والملوك) لابن جرير الطبري، تحقيق محمد أبو الفضل، دار المعارف، القاهرة،1968 .
. القرويين: جامعاً وجامعةً، د.عبد الهادي التازي، مطبعة دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1972.
. حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة، جلال الدين السيوطي، مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة.
. الحياة العلمية في الدول الإسلامية، محمد الحسني عبد العزيز، نشر وكالة المطبوعات، الكويت، 1973.
. الخطط المقريزية (المواعظ والاعتبار)، تقي الدين المقريزي، دار صادر، بيروت.
. دراسات في الحضارة الإسلامية، د. حسن الباشا، دار النهضة العربية، مصر، 1988.
. دور الوقف في الحياة الثقافية بالمغرب، د.السعيد سعيد بوركبة، مطبعة فضالة، المحمدية، المغرب، 1996.
. دور الوقف في التنمية: د.عبد العزيز الدوري، بحث منشور بمجلة (المستقبل العربي) عدد 121، 1997/7، بيروت.
. دور الأوقاف المغربية في التكافل الاجتماعي في عصر بني مرين للأستاذ محمد المنوني، بحث مقدم لندوة: مؤسسة الأوقاف في العالم العربي الإسلامي.
. دور الوقف في النمو الاقتصادي، الشيخ صالح كامل، بحث مقدم لندوة : نحو دور تنموي للوقف.
. دور الوقف في النمو الاجتماعي وتلبية حاجات المجتمع، د.محمد عمارة، بحث مقدم لندوة: نحو دور تنموي للوقف.
. الدور الاجتماعي للوقف: د.عبد الملك السيد، بحث مقدم لندوة: إدارة وتثمير ممتلكات الوقف.
. رحلة ابن بطوطة
تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار) طبعة القاهرة.
. رحلة ابن جبير(التذكرة بالأخبار في اتفاقات الأسفار) طبعة دار صادر، بيروت، 1964.
. رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين المشهور بابن عابدين، دار الفكر.
. عيون الأنباء في طبقات الأطباء، أبو العباس أحمد ابن القاسم ابن أبي أصيبعة، تحقيق نزار رضا، دار مكتبة الحياة، بيروت، 1965.
. الفتاوى الإسلامية الصادرة عن دار الإفتاء المصرية، مصر.
. قانون العدل والإنصاف للقضاء على مشكلات الأوقاف، محمد قدري باشا، مكتبة الأهرام، القاهرة، 1928.
. محاضرات في الوقف، محمد أبو زهرة، دار الفكر العربي، طبعة الثانية، 1971.
. المغني لابن قدامة المقدسي، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض.
. من روائع حضارتنا، د.مصطفى السباعي، الطبعة الثالثة، 1986.
. نحو إحياء دور الوقف في التنمية المستقلة، إبراهيم البيومي غانم، حلقة نقاشية، مجلة (المستقبل العربي)، عدد1998/9-235، بيروت.
. نصب الراية لأحاديث الهداية للزيلعي، المكتبة الإسلامية، 1973م.
. نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، أحمد بن حمزة الرملي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
. الوقف في الشريعة والقانون، زهدي يكن، دار النهضة العربية، 1388هـ.
. الوقف وأثره التنموي، د.علي جمعة، بحث مقدم لندوة: نحو دور تنموي للوقف.
. الوقف في الفكر الإسلامي، محمد بن عبد العزيز بنعبد الله، طبع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، 1996.
. الوقف الإسلامي وأثره في تنمية المجتمع، د.جمال برزنجي، بحث مقدم لندوة: نحو دور تنموي للوقف.
. الولاة والقضاة أبو عمر الكندي، مطبعة الآباء، بيروت.
http://www.isesco.org.ma/arabe/publications/Wakf/page31.php