د.عبدالله المحفوظ بن بيه
يقوم الخطاب الإسلامي على قواطع وثوابت علمت من الدين بالضرورة هي أساس الدين ودعائمه، كالألوهية والتوحيد والنبوة والرسالة ومكانة الإنسان في التشريع والكليات التي تحميه وتصوب حياته.
هذه الثوابت يجب أن توظف كل الأساليب العلمية في بيانها وجمع الأمة حولها وتقديمها للبشرية مدعومة بالحجج العلمية والبراهين العقلية ليهدي الله تعالى بها من يشاء من عباده.
ولحسن حظنا وحظ الإنسانية ليس فيها ما يناقض العلم أو ينافي العقل، بل إن العلم والعقل خير معين على بيان صحة هذا الدين، فهل أحسنا العرض وأجدنا الإبرام والنقض.
إن الخطاب الجديد في عصر العولمة والقرية الكونية وطغيان القيم المادية الخالية من كل قيم إلاهية أو إنسانية نبيلة، مما أوجد الإنسان الحسي أو الجسدي الذي يعيش لذاته مستغرقا في لذاته، فلا نبل ولا كرم ولا إيثار ولا تضامن ولا نظر في المآلات إلا مآلات الربح بلا روح والثروة بلا رائحة، إنه نذل لا غيرة له حسب ما يقول فوكوياما، وهو “الهلباجة” في مفهوم الأعرابي وخلف الأحمر.
فالخطاب الإسلامي متسامح، لأنه يقبل الاختلاف ويتسع لمختلف وجهات النظر والآراء، فلا إنكار في مختلف فيه كما أصلنا ذلك إذا كان اختلافا معتبرا، ومن لا يستطيع إدراك طبيعة الاختلاف فليس من أهل الميدان ولا من فرسان الشان.
والخطاب الإسلامي متصالح، لأنه لا يكفر من دخل الدائرة الكبرى إلا بناقض مجمع عليه قام عليه برهان قاطع.
والخطاب الإسلامي ميسر، لأنه يتوخى مصالح الناس ويراعى ضعفهم (يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا)، والخطاب الإسلامي إنساني لأنه يرفع قيمة الإنسان.
والخطاب الإسلامي ثابت صلب في جوهره مرن في تعبيراته.
ومع ذلك فإن خطابنا بقواطعه وثوابته راسخ رسوخ الجبال الراسيات، شامخ شموخ الأطواد المشمخرات، ولكنه في تفريعاته مائس مع رياح المصالح ميس فروع البان بنسائم الأسحار على وعساء الكثبان.
والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل.