المسجد الأقصى المبارك
بقلم: د. عبد الرحمن البر
الحمد لله رب العالمين، ناصر المؤمنين وقاهر الجبارين ومذل المتكبرين، وأشهد ألا إله إلا الله رب الأولين والآخرين، وقيوم السماوات والأرضين ومالك يوم الدين، ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله الصادق الوعد الأمين، القائل: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين على من يغزوهم قاهرين لا يضرهم من ناوأهم حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك. قيل: يا رسول الله وأين هم؟ قال: ببيت المقدس" (أخرجه أحمد، والطبراني، والضياء عن أبي أمامة).
د. عبد الرحمن البر
اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ونبيك سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين.
أهمية المسجد الأقصى عند المسلمين:
وبعد؛ فقد ارتبطتْ قُدسيَّةُ المسجدِ الأقصى المباركِ بالعقيدةِ الإسلاميَّةِ منذ أن أُسريَ برسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، وعُرِج منه به إلى السماواتِ العلى، وقد خلَّد القرآنُ هذا الحدَثَ العظيمَ في سورةٍ سُمِّيتْ به، هي سورةُ (الإسراء)؛ حيث افتتحها سبحانه بقوله ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (الإسراء: 1).
وتعزَّز هذا الارتباط منذ أن كان المسجدُ المباركُ هو القبلةَ الأولى للمسلمين، قبل أن يتحوَّلوا إلى الكعبةِ ويتخذوها قبلَتَهم بأمرِ الله، فاعتُبر أولى القبلتين، وقبل ذلك كان هذا المسجدُ الشريفُ ثانيَ مسجدٍ بُنيَ على الأرضِ، بعد المسجدِ الحرامِ، فعُرف بثاني المسجدين، فعن أبي ذَرٍّ رضي الله عنه قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ في الأَرْضِ أَوَّلُ؟ قَال: "الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ"، قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟! قَالَ: "الْمَسْجِدُ الأَقْصَى"، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: "أَرْبَعُونَ سَنَةً، ثُمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاَةُ بَعْدُ فَصَلِّهْ، فَإِنَّ الْفَضْلَ فِيهِ" (متفق عليه)، ثم ربط الرسول صلى الله عليه وسلم مكانته بالمسجد الحرام ومسجد المدينة، فاشتهر بأنه ثالث الحرمين، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى" (متفق عليه)، وعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الأَقْصَى وَمَسْجِدِي" (متفق عليه).
وجعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم الصلاةَ فيه أعظمَ أجرًا من الصلاة فيما سواه من المساجد غير المسجد الحرام والمسجد النبوي، فجعل الصلاة فيه بخمسمائة صلاة فيما سواه، فعن أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الصَّلاةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ أَلْفِ صَلاةٍ، وَالصَّلاةُ فِي مَسْجِدِي بِأَلْفِ صَلاةٍ، وَالصَّلاةُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِخَمْسِمِائَةِ صَلاةٍ" (أخرجه الطبراني وقال الهيثمي: رجاله ثقات، وفي بعضهم كلام).
اهتمام المسلمين على مرِّ التاريخ بالمسجد الأقصى وبيت المقدس:
حين أمر اللهُ المسلمين بالتحوُّلِ من بيتِ المقدسِ إلى الكعبةِ المشرَّفةِ أدرك المسلمون أنَّ عليهم استنقاذَ القبلتين، فبذلوا المُهَجَ والأرواحَ، حتى فتح الله عليهم مكَّةَ، ودخل الناسُ في دينِ الله أفواجًا، ثم وجَّهوا همَّتَهم لاستنقاذِ القبلةِ الأولى، وكان الفتحُ العُمَريُّ لبيت المقدس عام 15هـ، هو حجرَ الأساسِ لانطلاقةِ بناءِ المسجدِ الأقصى المباركِ؛ حيث سار الخليفةُ الراشديُّ عمرُ بنُ الخطاب رضي الله عنه إلى المنطقةِ المباركةٍِ، وزار موقعَ الصخرةِ المشرَّفةِ التي كانت قد طُمِرت تحت الأتربةِ والنفايات، وأمر بتنظيفِها، كما أمر بإقامةِ مسجدٍ في الجهةِ الجنوبيةِ منها، ثم نُفِّذ مشروعُ تعميرِ منطقةِ المسجدِ في عهدي الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان وابنه الوليد.
وظلَّ المسجدُ مع المدينةِ المباركةِ تحت إمْرَةِ المسلمين يتعهَّدونه بالرعايةِ والعنايةِ، حتى سقط عام 493هـ، في أيدي الصليبيين الذين استغلوا ضعفَ الخلافةِ وتفكَّك الوحدةِ الإسلاميةِ وتنازُعَ الأمراءِ وغلبةَ الأهواءِ على المسلمين، واستمرَّ الاحتلالُ الصليبيُّ حوالي تسعين عامًا هجريةً، حتى حرَّره القائدُ صلاحُ الدين الأيوبيُّ الذي حلف ألاَّ يبتسمَ حتى يحرِّره، وكان له ما أراد عام 583هـ، وقام صلاحُ الدين بإعادةِ ترميمِه وإصلاحِه وتجديدِ وتزيينِ محرابِه، وقامتْ في ساحاتِ المسجدِ وحوله مدارسُ ومكتباتٌ ودورٌ لحفظ القرآنِ ودراسةِ علومِهِ ودورٌ للحديثِ النبويِّ الشريف ودراسةِ علومِ السُّنَّة.
ثم قام الاستعمارُ الغربيُّ الذي عمَّ الأقطارَ العربيةَ والإسلاميةَ في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين بزرعِ الكيانِ الصهيونيِّ في جسدِ فلسطين، ثم تَمَّ الاعترافُ الدوليُّ الظالمُ بما سُمِّيَ بدولةِ إسرائيل عام 1948م، ثم قام الكيانُ الغاصبُ باغتصابِ القدس عام 1967م، ثم كانت المحاولةُ اليهوديَّةُ الآثمةُ لحرق المسجد في 21 أغسطس 1969م، على يَدِ شابٍّ يهوديٍّ يُدْعَى مايكل روهان، ثم تمَّ إعلانُ ضمِّ القدسِ سياسيًّا إلى دولةِ الاحتلال الصهيوني سنة 1980م، وتوالتْ محاولاتُ قطْعاِن المغتصبين الصهاينةِ المدعومين من دولةِ الاحتلالِ للإساءة للمسجد المبارك في غفلةٍ عجيبةٍ من المسلمين.
محاولات تهويد القدس:
منذ بدأتْ العصاباتُ الصهيونيةُ في التوافدِ على فلسطين، وهي تضع الخططَ وتبذل الجهودَ الجبارةَ لتهويدِ المدينة المباركة، وتهجير الفلسطينيين منها بشتى الطرق غير المشروعة، فمن ذلك:
- أنهم أصدروا تشريعًا يُسَمَّى "قانون الغائب" يقضي بأن مَنْ يتغيَّب من الفلسطينيين عن منزله من 8 إلى 10 سنوات تتم مصادرةُ أرضِه وبيتِه لسلطاتِ الاحتلال.
- وتوسَّعوا في إنشاءِ المغتصبات الضخمةِ لتسكين عشرات الآلاف من الصهاينة داخل وحول المدينة المباركة.
- وتوسَّعوا في حَفْرِ الأنفاقِ في المنطقةِ القريبةِ من المسجد، إلى الحدِّ الذي صار يُخْشَى منه على انهيارِ المسجدِ الأقصى قريبًا، بل قد انهارت بالفعل بعضُ ملحقاته.
- ولما أعيتهم الحِيَل في إيجادِ أيَّةِ آثارٍ تُشير لما يزعمون من تاريخِ اليهودِ في هذه البلادِ المباركةِ انطلقوا في تزويرِ الحقائق، ويدَّعُون بوقاحةٍ أنَّ بعضَ الآثارِ الإسلاميةِ والعربيةِ القديمةِ هي آثارٌ يهوديةٌ؛ ظلمًا وزورًا.
- وأقرب حلقات التهويد وربما لا تكون آخرها: محاولة الصهاينة هدم باب المغاربة، هذه المحاولة الأثيمة التي تريد سلطات الكيان الصهيوني الغاصب إنجازها في ظل انشغال العرب والمسلمين بمشاكلهم الداخلية وانشغال الفلسطينيين بإنجاز التصالح الداخلي بين الفصائل المختلفة، ولا يقتصر مخطط باب المغاربة على هدم طريق باب المغاربة, بل يشمل بناء جسر عسكري يمهّد لاقتحام أعداد كبيرة من قوات وآليات الاحتلال, ولاقتحامات واسعة النطاق للمستوطنين للمسجد الأقصى المبارك, لخدمة مخطط تقسيم المسجد بين المسلمين واليهود, على غرار المسجد الإبراهيمي في الخليل.
- كما يشمل المخطط استكمال تهويد ساحة البراق التي حولها المغتصبون الصهاينة سابقًا إلى معلم ديني لدولتهم, وطمس باقي المعالم الإسلامية في البلدة القديمة في القدس, بل وربط الساحة التي ترتبط برحلة الإسراء بالرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم بالبؤر الاستيطانية المحيطة بالقدس.
كل هذه التحديات تطرح علينا السؤال الضروري عن واجبنا نحو فلسطين والمسجد الأقصى في ظل كل تلك المخاطر.
واجباتنا نحو القدس والمسجد الأقصى:
من أهم الواجبات ما يلي:
- العملُ على دعْمِ ونشرِ القضيةِ، وفضحِ المخططاتِ الصهيونيةِ، من خلال الفن، والأدبِ، ومناهجِ التعليمِ، ووسائلِ الإعلامِ، والمنابر الدينية والثقافية، والمؤتمرات والندوات وحلقات النقاش العلمية؛ للتأكيدِ على هُوِّيَّةِ وعروبةِ وإسلاميةِ القدس.
- القيامُ بترميمِ الآثارِ الإسلاميةِ والعربيةِ، وعدمُ تركِها لعواملِ الزمنِ لتنهار، وتسجيلها لدى الهيئات الدولية ذات الصلة، خصوصًا بعد أن تم الاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية في اليونسكو، مما يفتح الباب أمام العرب والفلسطينيين لتسجيل كل ما هو فلسطيني، حتى لا يستمر الصهاينة في سرقة التراث الفلسطيني.
- إقامةُ المشاريع التي تدعم بقاءَ الفلسطينيين ببلادِهم عن طريقِ صناديقِ تمويلٍ عربيةٍ وإسلاميةٍ حكوميةٍ وأهليةٍ؛ لدعمِ صمودِ شعبِنا المجاهدِ الصابرِ في أرضِ الرباطِ، وعدمُ تركِ الإعمارِ يمرُّ عبر القناة الصهيونية، ولنذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن قيمة الأرض القريبة من الأقصى عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ".. لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ مِثْلُ سِيَةِ قَوْسِهِ (ما عُطِفَ من طَرَفَيْها) مِنَ الأرْضِ؛ حَيْثُ يَرَى مِنْهُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا" (أخرجه الحاكم والطبراني والبيهقي في الشعب).
- دعمُ جهادِ المقاومةِ الفلسطينيةِ ماديًّا ومعنويًّا وإعلاميًّا، وتثبيتُ قوّتِها، والتواصلُ الرسميُّ والشعبيُ معها؛ حتى لا تظلَّ وحيدةً في ميْدانِ المعركة، وخصوصًا بعد الإنجازات الرائعة التي حققتها في السنوات الأخيرة.
- تحقيقُ مشروعِ صندوقِ الأقصى وتفعيلُه بحيث يكون حكوميًّا وأهليًّا، فرديًّا وجماعيًّا، تُسْهِمُ فيه المؤسساتُ والأفرادُ، وتتبنَّاه جميعُ الهيئاتِ والأُسَر في الأمة.
- العملُ على استقطابِ الرأيِ العامِ الغربيِّ والعالميِّ لنُصرةِ الحقِّ الفلسطينيِّ العربيِّ الإسلاميِّ، من خلالِ حملاتٍ إعلاميةٍ وقانونيةٍ ونشرِ دراساتٍ علميةٍ وتاريخيةٍ حقيقيةٍ، بمختلف اللغات الحية، وعبر كلِّ وسائلِ الإعلامِ وصناعةِ الرأيِ العامِ المؤثرة، تقوم بها لجانٌ متخصصةٌ يتوفر فيها الإخلاصُ للقضية، ويتوفر لها الدعمُ الماليُّ المناسبُ رسميًّا وشعبيًّا؛ حتى تتمكنَ من إحداثِ التأثير المطلوب، حتى تعي كل القوى المؤثرة في العالم اليوم أن إصرارها على مواقفها المعادية، أو المستهترة بآلام الشعب الفلسطيني، وآمال الشعوب العربية، يخشى منه أن يؤدي إلى تأسيس وتغذية نوع من الحقد بين الشعوب لا تحمد عقباه، ولا يتصور مداه، وأن الشعب العربي والمسلم لن يبقى ساكتًا على هذا العدوان طويلاً.
- أخذُ المجامعِ العلميَّةِ والفقهيَّةِ لدورِها في إحياءِ الروحِ الإسلاميَّةِ في الأمَّةِ، وإصدار الفتاوَى الشرعيةِ التي تُلْزِمُ الأمة حكامًا ومحكومين بالعملِ لاستنقاذِ المسجد الأقصى؛ باعتبارِ ذلك واجبًا دينيًّا ومسئوليةً شرعيةً وأخلاقيةً، لا مجال للتردد في تحمُّلها بحقِّها.
وهنا أذكر بفتوى لجنة الفتوى بالجامع الأزهر المكونة من كل علماء المذاهب الفقهية في يوم الأحد 18 جمادى الأولى سنة 1375 هـ، الموافق "أول يناير سنة 1956" التي حرمت التصالح مع الكيان الصهيوني أو التقاعس عن مواجهة مشروعاته الاستعمارية، وما ورد فيها: "وكذلك يحرم شرعًا على المسلمين أن يمكنوا إسرائيل ومن ورائها الدول الاستعمارية التي كفلت لها الحماية والبقاء من تنفيذ تلك المشروعات التي لا يراد بها إلا ازدهار دولة اليهود وبقاؤها في رغد من العيش وخصوبة في الأرض، حتى تعيش كدولة تناوئ العرب والإسلام في أعز دياره، وتفسد في البلاد أشد الفساد، وتكيد للمسلمين في أقطارهم، ويجب على المسلمين أن يحولوا بكل قوة دون تنفيذها ويقفوا صفًّا واحدًا في الدفاع عن حوزة الإسلام.
وفي إحباط هذه المؤامرات الخبيثة التي من أولها المشروعات الضارة ومن قصر في ذلك أو ساعد على تنفيذها أو وقف موقفًا سلبيًّا منها فقد ارتكب إثمًا عظيمًا"، وختمت اللجنة فتواها بالقول: "وتهيب اللجنة بعامة المسلمين أن يعتصموا بحبل الله المتين، وأن ينهضوا بما يحقق لهم العزة والكرامة وأن يقدروا عواقب الوهن والاستكانة أمام اعتداء الباغين وتدبير الكائدين، وأن يجمعوا أمرهم على القيام بحق الله تعالى وحق الأجيال المقبلة في ذلك، إعزازًا لدينهم القويم".
- وأخيرًا فلا بدَّ أن يعلمَ الجميعُ أن قضيةَ القدسِ والأقصى وفلسطين هي معيارُ الشرعيةِ الحقيقيةِ للنظامِ السياسيِّ العربيِّ، وهي رمانةُ الميزانِ في الوحدةِ العربيةِ والإسلاميةِ، وأن التَخَلِّيَ عنها يُسْقط الشرعية عن كل نظامٍ ينفض يده من هذه المسئولية. وهذا الربيع العربي الكريم بشير خير بأن تأخذ قضية فلسطين والأقصى موقعها الحقيقي من البرامج السياسية للنظم الجديدة التي تعبر عن ضمير الشعب العربي المسلم الذي يهتف بضرورة قطع كل علاقة بإسرائيل: دبلوماسية، كانت أو ثقافية فنية، أو عسكرية.
وستبقى هذه القضيةُ هي قضية الأمة الأساسية حتى يأذنَ اللهُ بزوالِ دولةِ الاحتلالِ العنصرية، وحتى يقاتلَ آخرُ هذه الأمةِ الدجالَ وجيشه من اليهود، ويخلصون الأرض من شرهم.. فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "تُقَاتِلُونَ الْيَهُودَ حَتَّى يَخْتَبِىَ أَحَدُهُمْ وَرَاءَ الْحَجَرِ فَيَقُولُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ"، وفي رواية: "لَتُقَاتِلُنَّ الْيَهُودَ فَلَتَقْتُلُنَّهُمْ حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌ فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ" (متفق عليه)، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ، حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلاَّ الْغَرْقَدَ؛ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ". (أخرجه مسلم).
ولسنا في حاجة إلى بيان أن انتصار المسلمين في هذه القضية- قضية مقدساتهم الروحية العليا- يحقق شرطًا أوليًّا، ويعطي قوة دعم لا تقدر للنصر في قضاياهم الوطنية الأخرى.
وهو نصر قريب بإذن الله تعالى. وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَريبًا.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
-----------------------
عميد كلية أصول الدين والدعوة بالمنصورة، وعضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.